الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
أسماؤها مدينة القدس:
فمن الطبيعي أن يكون لهذه المدينة أسماء كثيرة؛ حيث مرت عليها دول وثقافات وحضارات أرادت كل واحدة منها أن تطبعها بطابعها الخاص.
ومما
ينبغي الانتباه إليه أيضا حدوث التلاقح بين اللغات، وبالذات في مسألة
الأسماء، وأمر الأسماء تحديدا لا يستدعي الوقوف معه طويلا محاولة لإثبات
أحقية اسم دون الآخر إلا لو كانت لهذه الأسماء دلالة منحرفة، أو أن يكون
الاسم يستخدم مبادئ معينة كمحاولات التغريب مثلا أو التهويد، فحينها يكون
من المهم توخي الدقة في مسألة الأسماء.
ويعد من أشهر أسماء القدس ما يلي:
1- أوروسالم: وهو
يعد أقدم اسم عرفه البشر لمدينة القدس، ويحكى أنه يعود إلى تسمية
الكنعانيين لها بهذا الاسم نسبة إلى مؤسسها وهو الملك سالم، فتعني بذلك
"مدينة سالم" أو "مدينة السلام"، وانتقلت الكلمة إلى العبرية بلفظ
"أورشليم"، ومن العبرية التي دونت بها كتب أهل الكتاب انتقلت إلى جميع لغات
العالم تقريبا بلفظ قريب من ذلك بحسب طريقة نطق الحروف في كل لغة.
2- القدس: يعود
إلى النطق الآرامي لكلمة "قديشتا"، ومن المعروف أن بين اللغة الآرامية
واللغة العربية العديد من المفردات المتشابهة في طريقة النطق، وانتشر اسم
القدس بين المسلمين أكثر من غيره، وكذلك اسم بيت المقدس نسبة إلى المسجد
الأقصى.
3- إيلياء: وهو
الاسم الذي أطلقه الإمبراطور الروماني "هادريان" على المدينة بعد أن خربها
نكايةً في بني إسرائيل، ثم أعاد بناءها مرة أخرى، وابتنى بها معبدا
لـ"جوبيتر" كبير آلهة الرومان في نفس مكان المسجد الأقصى، وإيلياء هو لقب
عائلة هادريان، وانتشر هذا الاسم بين العرب، وبقي شائعا حتى الفتح الإسلامي
للمدينة حتى أنه الذي استخدم في وثائق المعاهدة.
4- صهيون: وهي
كلمة عبرية تعني الحصن، وسميت القدس بذلك نسبة إلى الجبل الموجود بالجنوب
الغربي وهو أحد تلين أقام عليها اليبوسيون مدينة القدس، ثم لما دخلها داود
-عليه الصلاة والسلام- أعاد بناءها وجعلها عاصمة ملكه، وابتنى فيها بيتا
لله -سبحانه-، فلهذا أصبح للاسم قيمة خاصة عند بني إسرائيل، واكتسب الاسم
على مرّ العصور معنى رمزيا في العقيدة اليهودية، فكان مسبيّو بابل يضعون
كلّ آمالهم في إعادة بناء صهيون.
ومن هنا أيضا اتخذت الحركة اليهودية للعودة إلى الأرض المقدسة بعد ذلك بقرون اسم الحركة الصهيونية.
مساحة القدس:
يصعب
الحكم الدقيق على مساحة القدس في مراحلها التاريخية المختلفة حيث كانت
تتسع كمدينة وتضيق كل مرة كان يعاد بناؤها، وهي تقع على هضبة غير تامة
الاستواء يبلغ ارتفاعها عن مستوى سطح البحر حوالي 750 متر و تبعد عن البحر المتوسط حوالي 50 كم وعن البحر الأحمر حوالي 250 كم وعن البحر الميت حوالي 23 كم.
معالمها:
تحيط بالقدس مجموعة من الجبال والوديان منها:
1- جبل المُكبَّر: جنوب
القدس، ويقال أن سبب تسميته بذلك هو أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- حين
مقدمه إلى بيت المقدس لتسلمه كبر لما ارتقى هذا الجبل وكبر معه المسلمون.
2- جبل الزيتون أو (جبل الطور): وله مكانة خاصة عند اليهود حيث كان يؤخذ من زيتونه الزيت الذي كان يتوجون به ملوكهم.
3- جبل المشارف أو (جبل المشهد).
4- جبل بطن الهوا: وهو امتداد لجبل الزيتون، ويزعم اليهود أن سليمان -عليه الصلاة والسلام- ابتنى عليه معبدا وثنيا.
5- جبل صهيون: سبق الحديث عنه.
6- جبل موريا أو (جبل بيت المقدس).
7- وادي قدرون.
8- وادي الربابة.
9- وادي الجبانة.
10- وادي الأرواح.
أسوارها وأبوابها:
حينما
أنشئت القدس أول مرة على عهد اليوبوسيين أقاموا لها سورا حيث كانت على
هيئة قلعة، وأعيد بناء هذا السور بعد هدمه أكثر من مرة وفي كل مرة تتسع
المدينة فيتحرك السور وهكذا، وكان آخر من جدد هذا السور السلطان العثماني
سليمان القانوني، حيث بناه على شكل مربع منتظم يرتفع بمقدار 38 قدم وعليه 34 برجا وله سبعة أبواب مفتوحة إلى الآن وهي:
1- باب الخليل: غربا، وقديما كان يسمى باب إبراهيم.
2- باب النبي داود: جنوبا، ويعرفه غير المسلمون بـ (باب صهيون)، حيث يقع على جبل صهيون.
3- باب المغاربة: ومنه تخرج جنازات الموتى لتدفن في جبل الزيتون.
4- الباب الجديد: ويعرف أيضا بـ (باب عبد الحميد) وهو السلطان عبد الحميد الثاني.
5- باب العمود: ويعرف أيضا بـ (باب دمشق).
6- باب الزاهرة أو (الساهرة).
7- باب الأسباط.
وهناك أبواب مغلقة. وأبواب تاريخية قديمة يصل بها البعض إلى عشرين باب أكثرها غير موجود الآن.